
كلمة وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده اليوم في الوزارة

الوزيـــر
بيــروت فـــي 4 نيســان 2019
كلمة وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده اليوم في الوزارة
يَـضُـــــجُّ الـبَــلَــــد بالكـــلام عَـــــن الـــوَضـــعِ الاقتِصــادي الصَـعــــب والـنـــاس يتَـنـاقَـلـــــون كَــلامـــاً عـــن انهـيـــار مُـرتَـقَــــب ويَـتَـســاءلــــون فَـقَـــط عَــــن تَــوقـيـتِــــــه! وبعــض المَـســـؤولـيــــن يـسـهـمــــون بـتَـعـمـيــــم مـثـــــل هـــــذه الأجــــــــواء.
اسمَــحـــوا لـــي بِــدايَــــةً أَن أُصــــارحَ الـنــــــــاس:
صَحـيــــــــح واقـعـنـــــا الاقـتِـصــــــادي صَـعــــــب.
إجمـالــــي الــدَّيْـــــن العـــــام يُـقـــــاربُ إلــــى الـيــــــــوم، 87 مـلـيــــــار دولار. وخـدمَـــــة الـــدَّيْــــــن وحــــدهـــــا قــــد تَـتَـجـــــاوز الـ 6.5 مـلـيــــــارات.
ولــــن أستَـفـيـضَ بالكــلامِ عَـــــن عَـجـزِنـــــا المـالــــي أو التَّـجـــــاري أو العَـجـــــز فــــي الحِـســـاب الجـــاري ومـيــــزان المَـدفـوعـــــات، وَكُـلُّهـــــا أَرقـــــام غَـيــــر مُطَمْـئِــنَــــة.
لكنَّـنــي، وَبِـصِـــدقٍ وشفـافـيَّــــة، واستِـنـــاداً إلــــى الأرقـــام نفـسهــــا، وإلــــى المعـرفَــــةِ بإمكـانـيّـــات الـبَــلَــــد، أؤَكِّــــدُ أنَّ الحُـلــــول مُمكِـنَــــة، ولـيــس هُـنـــاك مـــا يَـستَـدعـــي هــــذا التهــويـــــل وبــــثّ السَـلـبـيَّـــــة بـيــــن النــــــاس.
لِـــذا، واحتِــراماً منّي لحَـــقِّ النــاس بالمَـعـرفَــةِ والـوصــول إلـــى المعلـومــات، وحقّهــــم بالاطِّـــلاع عـلــى السيـاســـات والخـيـــارات الاقتِـصــاديَّـــة المُقـتَـرحَـــة، سـأوجِـــز إليـكــــم أبـــرز مـــا أَورَدتُــهُ في مُـداخَـلـتــــي فـــي مجـلــــس الـــــوزراء. وقـــــد ضمنـتُـهــــا مُـقـتَـرحــــات حــلــــول عَـمَـلـيَّــــة عـلــى المَـدَيَـيْــــن القـريـب والمُـتَـوَسّـــــط.
فـأنــا كَـمـثـلِ كَـثـيـريــــن مــــن الـنــــاس، بـــادَرتُ إلــــى الســــؤال هـــل جَــدْوَل مَجـلـــس الــــوزراء الـيـــوم يَـرتَـقــــي إلـــى مُـسـتَـــوى قـلــــق الـنـــاس وانتظاراتِـهـــم؟ يُـؤْسِــفُـنـــــي ألا يَـكــــون رأيــــي إيجابيّــــاً فــــي هــــذا المَـجـــــال.
ويُـؤسِــفُـنــــي أَكـثــــر أن نَـكــــون جميعـــاً مُـتَّـفـقـيــــن أنَّـنــــا لا نَـمـلُـكَ تــــرف إضــاعـــة الـــوقــــت، ومــــع ذلِــــك مَـضـــى شَـهــــران عـلـــى تَـشـكـيــــل الحُـكــومـــة والانجـــازات لغــايَــــة الـيــــوم أَقَـــــلّ مـــن المَـطــلــــوب والمَأمـــــول.
فـمــــاذا نَنْـتَـظِــــــر لِـوَضــــعِ الحُــلـــول مـــوضـــع التَـنـفـيـــــــذ؟
انَّ واقــــعَ الاقـتِـصــــاد اللُّـبـنــانــــي نـاتِـــجٌ عَــــن اختـلِالات بُـنْيَـــويَّــــة وتَــوَّجُـهـــــات خـــاطِــئَـــــة، تَـــراكَــمَــــت مُـنـــــذُ أكثَـــر مِـــــن رُبـــــعِ قَـــــــــرن. بـالـتـالـــــي، ثَـــبُـــتَ فَـشَــــــلُ النَـمـــــوذَج المُعـتَـمَـــــد طِــــــوال هَــــــذِهِ السَـنَــــوات بِتَـفـــاقُــــم عَجــــز الخَــــزيـنَــــة وتَــــزايُـــــد الـــدَّيْـــــــن العـــــــام، وتَــــراكُـــم الصافــــي السَـلـبــــي فـــي الحِسابـــات الخــارجـــيَّـــــة. لــــذا مـــــا عــــاد يَـكـفــــــي الاقـتِــــراض مــــن الخـــــارج ولا يَـنـفَــــع التَـــرقـيـــــع ولا التَـــذاكـــــي بِخـــلاصٍ فَـــــردي أو حِـــزبـــــي أو ثُـنـــائـيّــــات مِــــن هُـنــــا وَهُـنــــــاك، عـلــــى حِســـابِ مَصالــــِح النــــاس والبَـلَـــــد. تَمـامــاً كـمـــا مـــا عــــادَتْ تَـنـفَــــع مُـحـــاوَلات تَسـجـيــــل النـقــــاط أو تَـطــويـــبِ انتِـصـــاراتٍ لِفَـريــــق أو جِهَــــةٍ أو حـــــــــزب.
جَميعُـنــــا فـــي مَــركَـــبٍ واحِـــد كـمــــا وَرَدَ فــــي البَـيــــان الــــوزاري. لا يَـشـفَــــعُ لِبَعـضِـنـــا وجــودهــــم للمَــرَّة الأولـــى فــي السُـلـطــــة، طــالَمــــا الحُكـــــم استِمــراريَّــــة.
"كِــلُّـن يَعـنـي كِــلُّـن " ! هكذا يُعَمِّم الناس مَواقِـفَهــم. وانَّني وان كُـنـتُ أتَحَفَّظ على التعميـم في المُطلق، إلاّ أنَّني أتَفَهَّم تَماماً مَواقِف النّاس الناقِمَــــة والقَــلِـقَــــة عـلـــى مُـستَـقـبـلِـهـــــا ومُـسـتـقـبـــــل أبنائِــهــــــا.
اليَـــوم، نَحــــنُ أمـــام لَحظَــــة الحَقـيـقَـــــة ولَحــظَـــــة الحِـســـــــاب. فــــإمّــــــا نَخــــــرُج إلـــــى الـنــــــاس ومَعــنــــــا الدَّواء، ولَـــــــو مُـــــــــرّاً، أو نُــــخَـــدِّرَهُــــــــــم مَـــــرَّةً جَـديـــــدة فَـيَــــدخُــــــلُ البَـــلَـــــد فــــــي غَـيـبـــــوبَــــــة قــــــد لا يَـفـيــــــقُ مِنهـا الا وقـــــد خَـسِــــرَ الكـثـيــــر مِــــن مُـقَـوِّمــــات الحـيــــــاة. ولـم يُخـطـــىء دَولــة الـرئيـــس سَــعـــــد الحــريـــــري حيـــن قـــــال إنَّ بَعــضَ الإجـــــــراءات قــــــد تَـــكــون مــــوجِـــعَـــــــة.
لـكـــــن، مُـــوجِـــعَــــة لِــمَـــــن؟
الأكـيـــــد أنَّــــه يَـجــــب ألاّ تَــكـــــون مُــوجِــعَــــة للـنــــــاس.
وقَـــــد أَصَـرَّيــــتُ الـيــــوم فــــي جـلـســــة مَـجـلـــــس الـــــوزراء عـلــــى أن نَـضَــــــع خــــارطَــــــة طَـــــريـــــــق للحُـلــــــول ونَـبــــــدأ الالتِــــــزام بِـهــــــــا وتَطـبيقِـــــهــــا.
لكِــــن قَـبْــــلَ الشُــــروع بِـطَـــــرحِ الحُـلــــــول، أوَّدُ أَنْ أتَـــوَقَّــــــــف عِـنــــــدَ هَــــواجِـــــس حَــــاكِـــــم مَـصــــرِف لُـبـنــــان الـتــــي أتَـفَـهَّــمُهـــــا، ولـكِــــن الـقـــانـــــون حَــــدَّدَ كَـيـفـيَّــــــة التَـعـبـيـــــــر عَـــــن هَــــذِهِ الهَــــواجِــــس والتَعامُــــل مَعَهــــا. لَـقَــــد اعـتَـبَـــــرَ حـــاكِــــم مَصــــرِف لُـبـنــــان إنّ العَجـــــزَ المــالـــــي هُــــــو مَصـــدَر كُــــــلّ العِـلَــــــل، ودَعـــــا إلــــــى تَـقــلـيــــص حَجـــــم القِـطــــاع العــــام كَـــشَـــرطٍ وَحـــيـــد لِضَـبـــطِ هَـــــذا العَجــــــز، مُـشـيــــــراً إلــــــى أنَّ "حَجـــــم القِطاع العــــــام كَـنِـسـبَـــة مِــــن الـنــاتِــــج المَحَـلّـــــي الإجمــالـــــي ارتَــفَـــع مِـــــن 17٪ قَــبــــل الحَــــرب إلــــــى 35٪ اليَـــــوم".
لــذا طالـبــــتُ أن يُقَـــــدِّمَ لـنــــــا حـاكِـــــم مَصـــرِف لُـبـنـــــان دِراسَــــة تُـبَيِّـــنُ الواقِــع. وأعتَـقِـــدُ أنَّــــه التَــبَــسَ عَـليـــه بَـيـــــن مُـساهَـمَـــــة القِطــــاع العـــام فـــي الـنـاتِـــــج المَـحَـلّـــي الإجمـالـــي وبَـيـــن نِسـبَـــة الإنفــــاق العــــام إلـــــى هــــــذا الـنــاتِـــــــج، وهُـــمــــــا أمـــــران مُختَـلِـفــــــان، إذ أنَّ مَــدفــوعــــات الـفـائِــدة وَحــدَهـــا استَـأثَـــــــرَت بـــأكــثَــــرِ مـــن ثُـــلــــــثِ الإنفــــاق العـــام بَيْـــنَ عـامَــــي 1993 و2018 (أكــثــــر مــــن رُبــع قَـــــــرن).
وبالتالـــي، لا يُـعَــبِّــــرُ الإنفــاق العـــام عــن مُساهَــمَــــةِ القِطــاع العــام أو حِــصَّــتِـــهِ فــــي الاقتِصـــاد. ولـكـــــن، علــى الرُّغــــمِ مـــن هَـــذِهِ المُـــلاحَـظَــةِ الأسـاســيَّــة الـتـــي تَــتَـعَــلَّــــق بِفـهـمِـنـــــا للقِطــاع العــــام ودَوره وحَجــمــه والحاجـــة إلــيــــه، فإنَّـنــــا لا نَختَــلِــــف علـى أن "نِسبَــة العَجـــز المالــــي مُرتَـفِـعَـــة قـيــاســـاً إلـى حَجـــم الاقـتِـصــاد اللُّبنــانـــي"، ولا بُــــدَّ مِـــن إجــــراءات سَريعـــة لِتَخفيض هـــــذه النِسبَــة والحَـــدِّ مِــن تَـنامـــي العَجـــز والمَديونــيَّـــــة.
إلا أنَّني أتَساءَل: هــــل هـــي مُشكــلَـــة قِـطـــاع عـــام فَـقــــط؟ ألا يُفتَــرَض إعــــادة النَظَر بالإدارةِ الماليَّـــة والنَقديَّــــــةِ للدَّولـةِ وتَوضيـــحِ سياسَتِــها؟
تَـنُـصُّ المـــادة 117 مـــن قـانـــون النَـقـــــد والتَسليـف عـلـى أنَّ "حاكـــم المصــرف يُقــــدِّم لــوزيـــر المالــيَّــــة قَــبــــل 30 حزيـــــران مــــن كُــــلِّ سَــنــــة الميزانــيَّــــة وحِـســــاب الأربـــــاح والخَـســـائِـــــر عــلــــى الـسَــنَــــة المُنـتَـهـيَــــة وتَـقـــريــــراً عَــــن عَـمَــلــيَّــــات المَصرف خِلالـهــــا. ويَـنشُـــر المـيــزانـيَّـــة والتَـقــريــــر فـــي الجَــريــــدة الـرسـمـيَّـــة خِـــلال الشهــــر الـــذي يَــلـــي تَـقــديمهــا لـــوزيـــــر المالــيَّـــــة".
إنَّ الهَــــدَف مــــن هــــذِهِ المـــادَّة هــــو مُراقَـبَــــة عَملــيّـــات مَصرف لُـبـنــــان واعتِـمـــاد الشَفــافـيَّــــة فــــي الإفصـــاح عَـنـهـــــا. ولكِنَّـنـــا إلـــى الآن لـــم نَطَـلَّع علــى تَقـــريــــر شــامـــل يــوضِــح العَـمَلـيّــات التــي يَـقـــوم بهـــا مَصرف لبنان تَحــت عـنـــوان "الهَندسة المالــيَّة". مـا هـــي هَــذه العمليّات؟ ولماذا تَجـــري؟ وكـم تَـبـلُــغ كُلفـتُهـــا؟ وهــل نَجحَــت بِتَحقيــقِ أهدافِهــا؟ ومــا هــو أثَــرُهـــا عـلى الاقتِصــاد والمالــيَّــة العامَّـــة؟ ان سياسَة رَفـــع أسـعــار الفائِـــدة والهَـنــدَســـات المالـــيَّــة هـــي مِـــن الأسباب الـبــارِزة لـــرَفـــع كُلفَـــة تَمويـــل الــدَّولـــة والاقتِصاد، وبالتالــي لا يُمكــن تَصوّر إصلاح جَـــديّ للمالـيَّــة العامَـــة لا يَتَضمَّــن إصلاحـــاً مُـــوازيـــاً للسياسَـــةِ النَقـــديَّــــة، وكَذلــك إصلاحـــاً لسياســـاتِ الـدَّعم والحَوافــز لِجَعـلهــا أكــثَــــر استِجابـــةً للنُهــوض بالإنتــاج والخَــدَمــــــاتِ ذات القيمَــــــة المُضافـــــة العــالـيَـــــــة.
إنَّـنـــي مُقـتَـنِـــعٌ أنَّ الاقـتِـصــــاد اللُّبـنــانـــي لا يَـــزال يَمتَــلِـــكُ الإمكانيّـــات البَشريَّـــة والمــاديَّــة لتَطـويــرِه وتَحــديـثِـــه وزيـــادَةِ حَجــمِـــه وتَـوسـيــع المُشارَكـــة فـيــــه. لَـكِــــنَّ ذَلــــك يَسـتَـدعـــي، بِـنـــاء عـلــــى مـا تَـقَّــــــدم، سِـلـسِـلَــــة إجــــــراءات أو حُلــول أُلخَّصُــهــا بالمُقتَـــرحات العَمَـلــيَّـــــــة التاليَــــــة:
مُـقـــتَـــرَحـــات لإجـــراءات فَـــوريَّـــــة
1. أَولَــويَّـــة إعــــادةِ التَــــوازن إلـــى المالـيَّــــة العـامَّـــة تَـدريجيّــــاً وإقــــرارُ الموازَنَـــــة.
وهَــذا يَتَطَلَّــب، قَـبـلَ الحَديــث عـــن المُوازَنَـــة، إرســــالَ مَشاريـــع قَـطــعِ الحِـســـاب مُـنـــذُ العــــام 1997 وحـتّــــى 2017، الـتــي أُنجِــزَت وحُـــوِّلَــــتْ إلــــى رئاسَــــة مَجـلـــــس الـــــوزراء، وعَــرضهــا عـلـــى الحُكومــةِ لإقـــرارِهــــا وإحالتِـهـــا كَمَـشـاريـــع قَــوانـيـــن إلـــى مَجـلـــس النــوّاب لِـتَــأخـــذَ مَســـارَها الصَحـيـــــح، قَـبــــل نَـشــــر مُوازنَـــة 2019 الـتــــي صــارَت أكثــــرَ من مُـلِحَّــة.
إن مَشــروع مــوازَنَـــة 2019 يَـجِـــب أن يَـكـــون مُـؤَشِّـــراً واضِحــاً عـلـــى نَوايـــا الحُكــومَـــة وخُطَطِهــا. وعليهِ أن يُعالـِــجَ مَكامِــن أساسيَّـــة للهَــدر ولاسيَّمــا علـى صَعيـــد التَحويـلات إلـى الجِهـات الخاصَّــة وإعادة النظــر فــي كـــلِّ العَطــاءات والعَــلاوات والتَـدابـيــــر الاستِثنـائـيَّـــة التـي يستَـفـيــــدُ منهــــا بعـــضُ الفِـئــــات فـــــي الأسلاكِ والمؤسَّسـات العامــة بِحَيــثُ تَنحَصِــرُ الحُقـــوق المُكتَسَبَـــة بالرَّواتِــــبِ وساعــاتِ العَمَــلِ الإضافيَّـــة الفِعليَّـــة.
يُفـتَـــرَض العَـمَــــل فَـــــوراً عــلــــى وَضــع نِظـــام مُــوَحَّـــــد للتَقديمات الاجتِـمـاعــيَّــــة للعامِلـيـــن فــي القِطــاع العــــام بِـمـــا فــــي ذَلِــــك الخاضِعـيــــن لِصَـنــاديــــق تَعاضُـــد خــاصَّـــة والخاضِعـيــــن لِنِظـام خــاص، لاسيَّـمـــــا فـــــي مؤَسَّـسَـــة الضمــان الاجتِـمـاعــــــي ومَصــــرِف لبنــــان.
2. مُـكـافَـحَـــــةُ التَهـــرُّب الضَّــريـبـــــي وتَـحـسـيـــــن الجِــبــايَــــة سِـــواء لِجهَــــة مـــن يُـصَـرِّحــــون جــزئـيّــــاً أو المَكـتـومـيـــــن. وهُـنــــاك اقـتِــراحـــات عَـمَـلـيَّـــة فــــي هَــــــذا المَـجـــــال، فَحَجــــمُ التَهَـــــرُّب الضَّــريـبـــــي في لبنان يُـــوازي تَـقريـبــــاً عَجـــزَ الكَهــــربـــاء، ويَطــالُ ضَـرائِـــب على الـدَّخــــلِ والأمــــلاك المَـبـنـيَّـــة والــرســــوم الجـمـركـيَّــــة والضَّــريـبَـــة عـلـــى القـيـمَــــة المُـضــافَـــــة.
3. إحـــداثُ صَـدمَـــــة إيجـــابــيَّــــة بِـمـــا يُمكــــن أن نُسمّـيـــه "تَحسـيـــن إدارة الدَّيْــن العـــــام" تَــرمــــي إلــــى تَخفـيــض كُـلفَـتِــــه بالتَنسيـــق مــع حاكِــم مَصــــرِف لبنــان، استِنــاداً إلـى المـواد 70، 71 وَ72 مــن قانـون النقـد والتسليــف، مـع الإشــارة إلـى أنّ تَخفيــض 1٪ مـن مُعـدَّل الفائِــدة يـؤَدّي إلـى خَفــض الإنفــاق العــام بحَــوالــي 900 مليــون دولار للعــام الحالــــي. وهـنـــاك أفكــارٌ عِـــــدَّة لإجـــــراء مِـثـــــلِ هــذا التَخفـيــض سَبَــق وتَـداوَلنــا بِهــا مَــع وزيــــر المالـيَّـــة وحاكــم مَصــرف لبنــان وَوافَــقـــــا عليهـــــا.
وفي هذا السـيـــاق، عليـنـــا إعـــادَة النَظَـــر بالسياسات والأدوات الـتـــي يَستَعمِـلُهــا مَصرف لبنان، مــع الالتِـــزام الـتـــام بِسيـاسَــــة استِقــــرار أسعـــار الصَــــرف ولَجــــمِ التَضَخُّـــــم.
4. إعـــادَةُ النَظَــر بالقُــروض المَدعـومَـــة وبآلياتِــهــا المُعـتَـمَــدة. فَـلـيـــسَ مَقـبــــولاً أن يَــتــمَّ استِغــلال بَعض هــذِه القُــروض بَـعـيــداً عـــن "روحيَّـتِهـــا" من جِهَــة، وبَعـيــــداً عـــن أهدافِهـــا الاقتِصاديَّـــة المُحَــــدَّدَة مِـــن جِهَــةٍ ثــانـيَــة. فَـقـيـمَـــةُ القُــروض المَدعـومَــــة تَـبـلُغُ 15 مـليــار دولار للسَـكــــن ولِقِطـاعـــات الانتاج، نــاهـيـــــك عَـــــن حَوافِــز إيــــــدال.
وبالتالـــي يَجـــب أن تَـــذهبَ القُــروض لِـمُـسـتَـحـقّـيهـــا فَقَـط مِـــن ذَويِّ الـــدَّخْـــــلِ المَحــــدود، كما للنَشاطــات الإنتاجيَّـــة المُوَلِّــــدَة لِـفــــرَص العَــمَــــل للبـنـانيِّـيـــن والتـي تَخــلُــق قِيَـمــةً مُضافَــة عاليَـة فـي الاقتِصــاد. لا يجـوز أن يَبقـى الـدَّعـــــم مُشَــتَّـتـــــاً واستنسـابيّـــاً، ولا يَجـــوز أيضـاً أن يَـبـقــــى مــــن الأســــرار، خِلافـــــــاً للأُصــــول التـي يَــنُصُّ عَليهــــا قانـون المُحاسَبَـة العُـمومــيَّـــة.
5. التَـركـيـــــزُ علــى زيـــادَة ِالإنتــاج والتَصديــــر والتَخفـيــــف مِـــــن الإسـتـيــــــــراد. هــــــــذا يَتطَلَّــــب قـــــراراتٍ جَريئَـــة وتشـريـعــــات مـســؤولــــة. والتَـنسيــــقُ قــائِــــمٌ بَـيْـنـــي وبَـيْـــــــن وَزيــــرِ الصِناعَــــة فـــي هـــــذا المَجــــــال.
إنَّ هَــــذِهِ الإجــــــراءات هــــي بَـعـــــض مـــــن مُـقـتَــرحــــــات عَمَليَّـــــة طَـرَحْـتُـهـــــا فـــــي جـلـسَــــةِ مَـجـلــــس الـــــوزراء الـيَـــــوم. اسـتَـثـنَـيْـتُ مِـنـهـــــا الحَـــديــــث عَــــن ضَــــــرورةِ الانتِـهـــــاء سَــريـعــــاً جِـــــداً مــــن مَــوضــــوع قِـطـــاع الكَـهـربــــاء، عـلـــى اعـتِـبــــار أنَّ المَـســاعـــي حَـثـيـثَـــــة لانجــــــازه والتَــــوافـــــق عـلـيــــــه.
مَـشــــاريـــع قَــوانـيــــن
ولِـكَـــيْ نَــضَــــع المـالــيَّـــة العــامَّـــة عـلــــى مَسـار إصلاحــــي مُـسـتَــــــدام أقــتَـــرِحُ دراسَـــــة ثَــــلاثَـــــــة مَشــــــاريـــع قَوانيــــــن هــــي:
1. مَشــروعُ قانـــون لإصـلاحِ النِظــام الضَّريبــي لجَعـلـِـهِ أكثَـــر كَفـــاءَة وعَدالَـــة. وفـــي هــــذا الإطـــار، يَجــــب دَرس إمكـانـيَّـــة اعتِـمـــاد وعـــاء ضَريـبي مُوَحَّد.
2. مَشـروعُ قانـون يُعـيـــدُ النَـظـــــر بِهـيـكَـلـيَّـــة الـدَّولَـــــة بَـعــــد دراسَـــة الحاجــات بِحَيْـثُ يَــتُّـــم إِلـغـــــاء المُؤسَّـســــات والمَجالــــــس والصَناديــــق والهَيئـــات التـي لا حاجـــــة إليهـــــا.
3. مَـشـروعُ قـانــون حَــديـــثٍ يُـنَـظِّـــــم ُالإعـفــــاءات والحَــوافِــــز والـرعـايَـــة المَطلـوبَــة للقِـطــاعــات الانتـاجـيَّـــة ويُساهِـــمُ فـي تَنميَــة المَنـاطِــــق وزيـــادة الإنـتـــــاج والتَصــديـــر ويَتَـشَــدَّدُ في تَغــريـــمِ كُـــــلِّ ضَـــرَرٍ يَطـــالُ البـيـئَـــــة أو تَــعـدٍّ عـلــــى الأمـــلاكِ العـامَّــــــة والمَــوارِد الطـبيـعــيَّـــة والتــاريخــيَّـــة.
خِـتــامــاً أتَــوجَّـــه إلـــى اللّـبنـانـيِّـيــــن قـــائِــــلاً: مــــرًة جَـديــــــدة نَــحـــــنُ أمــــام تَــحَـــديّــــات وَطَـنـيَّــــة صَـعـبَـــــة، وَهَــــذِهِ الـمَــرَّة لهـــــا طـــابَـــع اقـتِــصــــادي. لَـكِــنَّــنـــي واثِــــقٌ بِـقُــدرتِـنــــا عـلـــى تَــجــاوزِهــــا بِــوَعـيِـنــــا، وتَـضامُـنِـنــــــا، وتَـرفَـعُـنــــا عَــــن صَـغــائِــــر الخِـلافـــــات والمُـحــاصَـصـــات والمُـنــاكَـفـــــات وتَـحـمّـــل المـسـؤولـيَّــــــة.
وانَّــنـــي مِـــن مَـوقَـعــــي كَــوَزيـــــر للاقـتِــصـــــاد، وكَــتـيّـــار سِـيـاســــي إصــلاحــــي، نَـتَـحَــمَّـــــلُ مَـســـؤولـيــاتِـنــــــا تِـجــــــاه الـنـــــاس والـبَــلَــــد وسَــنُـــواصِــلُ العَــمَـــل لـنَـتَـجـــاوَزَ هَــــذِهِ الظُــــروف الـدقـيـقَــــــة. وكـــــونــــوا عـلــــى ثِــــقَــــة سَـنَـتَــجـــاوَزهـــــــا.