الجمهورية اللبنانية

كلمة الوزير في مؤتمر بيروت للبيئة

الثلاثاء 07 أيار 2019

أيّهــــــا الحضــــــور الكـريــــــــم

يَصــدُفُ أَن يَنعقِـــــدَ اليـــوم "مؤتمَــــر بيــــروت للبيئَـــةِ 2019" بِالتَــزامــنِ مَــــع العَـمَـــلِ المُـكَـثَّــــفِ مِـــن أَجــــلِ إقـــــرار المُــوازَنَــــة العامَّــــــة. ومِـــن مَـحـاسِــــنِ الصُــدَفِ أَنْ يَــكــــــون عِـنــــــوانُ مُـؤتَمـــرِكــــم "فـرصــةُ لبنــــان"، الـــذي نَطـمَـــــحُ أَنْ يَـنـسَـحِـــبَ على توصيف المُوازَنَــــة المُرتَـقَـبَــــة فتَـكــــون بِـدَورهـــــا فـــــرصـــــةً للبنـــــان.

وأظنُّ أنَّـنـــي أتَحــدثُ بإسمنــــا جميعاً حيـــن أتَـمـنّـــى أن نُجـيـــدَ هـــذه المَـــرَّة إلتِـقـاطَ الفُـــرَصِ علـــى كـــــلِّ المُـسـتَـويـــــات.

وكمـا فــي الاقتِـصــــاد، كذلـــك فـــي البيئـةِ: رهــانُـنـــا الأساســـي علــى تَغـيـيـــر مُقاربتِـنـــا لِبَـعـــضِ المَـفــاهـيــــم والتَـوجُّـهـــــات، وَخَلـــقُ وَعــــي عــــام يَنعَـكِـسُ تَـغـيـيـراً فــــي السلوكـيّـــات.

وعلــى نَـقـيـضِ مـــا يُـحــاول بَعضُهُـــم تَـســويقَـــهُ، فـبَـيْـن الاقتِـصــــاد المُـنـتــــِج والحِفــــاظ عـلــــى البيئَــةِ تَـكـــامـــــل يُمكِــــنُ تَـعـزيـــزِهِ وبَــلــوَرَة سُـبـلــــه. وإِنَّ "الاقتِــصـــاد الأخضـــر" استِـثمـــارٌ طــويــــلُ الأجــــل مَـــردودُهُ مُـسـتَـــــدام لأجـيـــــال وأجـيــــــال.

لقد جَعَـلــــتُ واحداً مـــن أبـــــرزِ أَهـدافـــي فــــي وزارة الاقتِـصــــاد والتّجــارة العَـمَـل علــى تَطــويــــر اقتِـصــــاد مُـنـتِــــج، حَـيَــــوي ومُؤَنسَـــــن. ولا أنـسـنَــــة فــــي اقتِــصـــاد لا يَحـمـــي البيئـــة وتَـنَـوّعِـهــــا ويُـحـافِــــظ عـلـــى ثَـرواتِـهــــا وإرثِـهـــــا الطبيعـــــي.

ولا اقتِـصــــاد مُـنـتِــــجٌ وحَيَـــــوي لا يَـرتَـكِــــز بُنيـانُـــــهُ عـلـــى القِطـاعــــات الانتاجـيَّـــة فــــي الـزراعَــــةِ والصناعَــةِ والسياحَــةِ والخَدمــــات لاسيَّمــا الماليَّـــةِ منهــا واقتِصـــاد المَعـرفَــــة، وهـــي جميعــــاً مِمّــا ذكَــرَتْــــهُ "دراســــة ماكـيـنـــزي" فــــي رؤيــــةِ لبنـــان الاقتِصاديَّـــة، وأضافَــــت إلـيــــه الانتِـشــــــار اللّـبنـانــــــي.

وقــــد رَفَـعْـــــتُ هـــــذه الدراســـة إلــــى مجـلــــس الــــوزراء ويُـفـتـــــرض أن تَـتُـــمَّ مناقَشَتُـهــــا والعَمَــــل بهـــا بَـعــــد الانتِهــــاء مِــن مَـشــــروعِ المُـوازَنَــــة. وسيُــؤخَــذُ حُـكـمــــاً بعـيــــنِ الاعتِـبـــــار المُـواءَمَـــة بيــــن تَحفـيـــزِ قِطـاعــــات الانتـــاج، وتشجيعهـــا فـــي الــوقـــتِ نـفـســــه، عـلـــى احتِــــرام الأنظمَـــة الأيكــولــوجـيَّـــــة Ecosystem .

فاحتِــــرام هــــذه الأنظمَــــة لا يَنـعَـكــــس فـقــــط علــى نَـوعـيّــــة حيـــاة الإنـســـــان وصحَّـتِــــه وسلامَـتِـهِ، إنَّـمــــا لـــه تَــرجمــاتــــه فـــي التَـنـمـيَـــة المُـسـتَــدامـــة والنُـمـــوِّ الاقتِــصـــادي والاجتِمـاعـــي فــــي البَــلـــــد.

 

وهـــــذِهِ لَـيــسَــــت مسؤوليَّــــة وزارة البيئَــــة وَحــدهـــــا. إنَّـمــــا يَسـتَـدعـــي مـــن جمـيـــع الوزارات التَـعــــاون معها، لِجَـعـــلِ المَفـاهيــــم والسُلــوكـيــــات البيئيَّــــة الصحيحَـة ثقــافــــة مجتَـمـــع وأسـلــــوب حـيــــاة.

وإنّــنــــا عـلــــى استِـعـــــداد فــــي وزارة الاقـتِـصــــاد والتِّـجــــارة للمُسـاهَـمَـةِ فـــي تَــوعـيَــــة المُستَهـلِـــك علـى أَهمـيَّــــة مطالـبـتــــه بمُـنـتَجــــات تُــــراعــــي الحِفـــاظ علــى البيئَــةِ ســـواء فـــــي المَــــوادِ المصنَّـعَــــة مِنهـــا أو فــي كَـيـفـيَّــــةِ تَصنيعِهـــا وحتّــــى فــــي طــــرقِ التَخَـلــــص منهــــا.

وكـمـــا نُـطـــالــــبُ بتَــرشـيــــدِ الانفــــاق وضَبـطِــهِ فـــي الموازنَـــةِ العـامــــة، فعليـنــــا أيضاً تَـشـجـيــــع النــــاس على تَـرشـيــــد استِهلاكـهــــم حمايَــــةً للبيئَــةِ مـــن جِـهـــــة ولِمُــوازنـتـهـــــم الشخصيَّــــة والوَطَـنـيَّــــة مِـــن جـهــــة ثـــانـيــــة.

فَـلَيـــس مَقـبــولاً، وَفـــقَ أي مِعـيـــار، أنْ يَـبـلُــــغَ حَجــــمُ الاستِهــلاكِ فــي لبنــان 105 ٪ مِـــن مُجـمَـــلِ النـاتِــــج المَحَــلّـــي، وهـــــو مـــا لــه تَداعياتــه الاقتِصاديَّــــة حكماً ولكـــن لـــه أيضاً تَــداعـيــــات بيئيَّــــة بِشَـكـــــلٍ أكـيـــــــد.

أيتهــــا السيّـــدات والســــــادة،

كثيــــرةٌ هـــي المُشتَـركــــات بيـــن الاقتِصـــاد والبيئَــــة، لَـعِــــلَّ أهمهــــا الإنســــان الـذي تَتَحَدَّدُ هويـتُــهُ الثقـافــيَّــة والحَضـاريَّــة بالشـراكــةِ مــع الأرضِ التـي يَسكُـنُـهـــــا.

وإنَّـنـــا نَطمَـح لأن يَكــــون لبنان بـلـــــداً مُـنـتِجــــاً، حَضـاريـاً يَـتَـطَــــوّرُ ويُـطَـــوِّرُ حَجـــــم اقتِصادِه ويَخـلــــقُ فُــــرص العَــمَـــل لأبنائِــــه. وأنَّـنـــي على ثِــقَــــة أنَّـــنـــا قـــادرون على ذلـــك تماماً كقـدرتـنــــــا بـــأن يكــــون انتــاجنـــا صديقــــاً للبيئةِ.

وأختُـــمُ مُتَـمَنيّـــاً أن يخلُصَ هـــــذا المؤتَــمَــــر إلــى رسمِ سيــاســـات تَسـمَـــحُ بتعميـــمِ الثقــافَــــة البيئيَّـــة عـلـــى كــــلِّ المُـسـتَـــويـــات مــــن إدارةِ النفــايــــات مُــروراً بالمَـقــالـع والكَـسّـــــارات وصولاً إلــــى التنظيـــــم المدني ومـــا بينهـــم مـــن قضايـــا بيئيَّـــة جَــوهَــريَّــــة كالتغيّـــر المُناخـــي وتَـلوّث المـــاء والهـــــواء وغيــرهـــــا.

ولكـــن يبقــى التَـلوّث الأخطَــــر الـــذي علينــا جميعاً التعـــاون عـلـــى مكافحتِــه وهـــو تَـلـــوّث الفكــــر والأخـــلاق والحــــسّ الـوَطَـنــــي الــــذي يجـعـــــلُ كُــــل تَـلــــوّث آخـــــر ممكـنــاً.

شـكـــــــــــــراً لـكـــــــــــم

المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري

المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري