
كلمة الوزير منصور بطـيــــش في مؤتمر الطاقة الاغترابية 2019
أيُّهـــا الحضـــور الكَـريـــــم
نَلتَـقـــي اليـــومَ فـــي لبنـــانَ وحَـولَــه، لا لِـنَـقـــولَ كَـلامـــاً إنشائيّــاً، ولا لنُــزايـــدَ في محبَّـتِـــه، وَلَـــوْلا هــذه المَحَبَّــةِ لمـا كُـنـتُــم جميعــاً هُـنـــــا.
نَلـتَـقـــي اليـــوم لنُحَــوِّلَ حُـــبَ الوطــن التِـزامـــاً وإنجــازاً، ومنطلقــاً لنَهضَـــةٍ اقتِصاديَّــةٍ، ولنَـبـنـــي الجُـســــورَ العَمَليَّــــة التــي تُتَـرجَـــم علــى أرضِ الـــواقِــعِ عَـمَــلاً راسِخــــاً للمُستَـقـبَـــلِ.
فإلــــى العَـــمَــــلِ.
إلـــى العَــمَــــل، هُــــــوَ شِــعــــارُ حُـكــومَتِـنــــا، وفــــي لقــائِـنـــا اليَــــوم، فـــي المُؤتَـمَــرِ السادس للطـــاقَـــةِ الاغتِــرابيَّــــة، نَضَـــعُ خارطَـةَ طَــريــــقٍ لِسُــبُـــلِ التَـعــــاونِ المُتَـبـــادَلِ ونَعـــرضُ لأهــــمِّ العَناصِـرِ التـــي تَجعَـــلُ مِـــن لبنـــان مِـنَــصَّـــةً حَـيَــويَّـــةً للانتِـشــــارِ اللُّـبنـانـــي لِـيَــكـــونَ شَـريـكـــاً فاعـلاً فــي إعـــادةِ إعمــــارِ ونَـهضــــةِ المَـشــــرق.
سَـــأُضــيءُ علـــى أَبـــرَزِ هَـــذِهِ العَـنـــاصِــــــر:
أولاً: تعرفـــون جميعـــاً أهميَّـــة مَـوقــــع لبنـــان الجغــرافــي
ممّـا يُـتيـــحُ لِمَــرافـئِـه، وتَحـديـداً مَـرفأ طرابلـــس، أن يلعَـــب دوراً حَـيَـويّاً ومِحوَريّـاً فـي جُـــزءٍ كـبـيـــرٍ من النشـاطات الاقتِصاديَّة الآتيَة.
وَيَسمَحُ لـــه مَـوقِعُـــهُ بِــأَنْ يَـكـــونَ مَـركَــــزاً لِلشَـركـــاتِ الأجنبيَّـــةِ الكُـبْــــرى التــي سَتُـشـــارِكُ فـــي إعـــادةِ الإعمــــار. وتُتيـــحُ بيئَـتُــهُ الحاضنــة وَمَـنـــاخُ الحـريَّــــةِ والتَـنَـــوُّعِ والانفِـتـــاحِ الذي يَتَمَتَّــــعُ بِــهـا لبنـــــان أن يَستَـقـطِـــبَ لـيــــس فَــقَـــط الشَّـركـات، إنَّـمــا الأفـــــراد أيضـاً ليُقـيـمـــوا فـيـــه مـــع عـائِـلاتِـهــــم، لِمـــا يُـوَفِّــــرُهُ أيضـاً مِـــن أسلـــوبِ حَـيـــاةٍ ومَــدارس وجامعـــات مَـرمــوقَــــةٍ ومُحتَــرمــةٍ عالميّــــاً.
ثانيـــاً: الــــرأس المــــال البَــشَـــــري
طالَمــا شَـكَّـــلَـــتِ الكَـفـــاءاتُ اللُّبنانيَّـــةِ ثَـــروَةَ لبنــــان الأهَــــمّ. وهـــذه الحَـقـيـقــــةُ لا تَـــزالُ صالِحَـــة، وتَتَعَـــزَّزُ بالعَمالَـــةِ الماهِــــرةِ ذات القيمَـــةِ المُضافَـــةِ العاليَــــة فـي الكثيــرِ المَيــاديــــنِ الاقتِصاديَّــــة. علــى سبيـل المثـال، يُمكِــنُ فــي هــذا المَـجـال الإستِـفـادةَ مـن كَــفـــاءاتِ شَـركــــاتِ الهَـنــدَسَــــةِ والمُقـــاولات والبِـنـاء اللُّبنــانيَّـــة فــــي العديــد مــــن الحُـقــــولِ مــــن البُـنـــى التَـحـتـيَّــــة إلـــى الإسكـــان وقِـــطاع النَـقِــــــل.
كَـمـــا يُمـكِــــنُ التَعـــاون فـــي مجالاتِ الصنــاعَــــةِ والــزراعــــات الحَـديـثَــــة، إضافـــةً إلـــى اقتِصـــادِ المَعــرفَـــةِ والتكنولوجـيـــا وكُــــلّ مــا يَـتَّــصِــلُ بعالَــــمِ ريـــادةِ الأعمـــال. كمــا أنَّ قطــاع الإستشفـاء يشكِّــل واحــدةً من نقـاط قـوَّةِ لبنــان. أمّـــا المَـصــــارف اللُّبنـانـيَّــــة المَـشـهــــود لخُبُـراتِـهـــا وريادتِهـــا، كمــا شركــات التأميــن، فلَهـــا دَوْر مِـحــــوَري فــي كُـــلِّ القِطـاعــــاتِ التــي ذَكَـــرْتُ.
لـــن أُسهِـــبَ أكثَــــر فـــي الحــديــثِ عَــــن الكَفـــاءاتِ والمَهاراتِ اللُّبنـانيَّــــة والمُبـــادراتِ الرائِدَةِ فهــــذِهِ يَـشَــــهـــدُ عليهـــا الأقــربـــون والأبعَــــدون في الدُوَلِ التي ساهَــمَ اللُّبنانيُّون في بنيانِهــــا.
ثالثــــاً: التَـشـريعــــات والقــوانيــــن
تَحـرِصُ الحكومَـة اللُّبنـانيَّة على تَـشجيعِ الشَــراكـةِ بيـن القِطاعَــيْـــن العـــام والخــاص. وقــد صــدَرَ قانـونٌ عــــام 2017 يُنَـظِّــــمُ هَـــذِهِ الشَــراكَـة، ويَـحفَــظُ حُـقــــوق الطَــرفَـيْــــن ويَـزيـدُ مِـنْ حَجْـمِ الإستِـثمـارات وَسُـرعَــــةِ وحُـسْــنِ تنفيـذِها. ويَـتَـــواصلُ الجهــــدُ القانونـــي مِـــن أجــــلِ إقــــرار مجموعـــة تَـشـريعـــات تُـــواكِـــبُ المرحلــةَ المُقـبـلَـــةَ وتُسهِّــلُ مِـــن مُمارسةِ الأعمــــال، وتُحَفِّــز الإستِثمــار.
ونَـعمَـــلُ فــي وزارةِ الاقتِصـــاد والتِّجــارة علــى إقـــرارِ قـانـــون المُنافَــســـة، بالتعـاون مـع هيئـاتٍ دوليَّـــة، لِـكَـســـرِ أي إمكانيَّـــة للإحتِكــار، والإستِفــادة مــن دينامكـيَّــة المُنافَـســةِ في الأعمــالِ والإستِثمارات والتِّجـــارة.
رابعـــاً: علاقــــات لبنـــان بالمشـــرقِ
يَـمـلُـــكُ لبنـــان علاقــــاتٍ اقتِصاديَّـــةٍ ومَصالِح تِجاريَّة وَثـيقـــة بكـــلِّ دُوَلِ المَشـــرق. وَلَيْسَ تَفصيلاً أنْ يَـكـــونَ ميزانُنـــا التِّـجــاري مع العـــراق لِمَصلحةِ لبنـــان، فـــي ظـــلِّ نَــدرةِ تَـــوازنِ ميزانِـنـــا التِّــجـــاري مَــع الكـثيـــر مِــنَ الدُوَل. والعلاقَـةُ مع سوريـا لهــا تــاريـــخ اقتِصادي واجتِماعي راسِــــخ، بِغَـــضِّ النَــظَـــر عــن العِلاقـــات السياسيَّـــة المُتَأرجِـحَـة. وعلى رغْــمِ الحُـروبِ في سوريا، والعَـــواقِبِ السَـلبيَّــــة التــي نَتَجَـــتْ عَــــن إغــــلاقِ المَعــابِـــرِ الحُـدوديَّــــة، تُظهِـرُ الأرقــام زيــادةً فـي صــادراتِ لبنــان مـن المَـواد الغِذائيَّـة المُنتَجَــة مَحليّــاً.
بالتالـــي، فإنَّ لبنـــان مَــركـــزٌ مثالــيٌّ للعَـمَـــلِ فـــي إعـــادةِ إعمـــار سـوريـــا والإسهـــام فــي نَهضتِـهـــا وَنَهضـــةِ العِـــراق. وسَيَكـــونُ مرفَــأَيْ بَـيـروت وَطَـرابلــس مُـنـطَــلَـقــــاً للتَــوَسُّـــعِ فــي التجـــارةِ وخَـفـــض التَـكــاليـــف خُصوصــاً مـن طرابـلـــس، بسبب قربِهــا الجغرافــي حَـيْـــثُ يَـجـــري العَـمَـــلُ على تَـفـعـيـــلِ المِـنْطَـقَـــةِ الاقتِصاديَّـــة وتَوسيـع نَشاطِـهـــا. كمــا بــدأنــا فـي وزارة الاقتصــاد والتجــارة العمــل علـى إستعـادة دور ومكـانــة وعمـل معـرض رشيـد كرامـي الدولــي.
الفُـرصُ فــي لبنــان كثيـــرةٌ، ويُمكِنُـنــا سَـويّــاً، مُقيمين ومُنتَشـريـن، مــن تَـحويــلِ التَحديّـــاتِ الاقتِصاديَّــةِ التي يُـواجِـهُــهــا لبنــان إلــى فُــرصِ نَجاحٍ فَـرديَّـــةٍ وجماعيَّــةٍ تَنعَكِسُ حُكمــاً علــى الاقتِصادِ اللُّـبـنــانــــي.
أيُّهــــا الحُـضـــور الكـــريـــم
صحيحٌ أنَّ مِـحـــورَ لقائِـنـــا اقتِصاديٌّ عَـمَـلـــي، يتمحــوَرُ حَــوْلَ الفُـرص والإمكـانـــاتِ وَسُبُــلِ الشَـراكـــةِ والتَـعـــاون والاستِثمار. لكنَّـنــــي، وأنــــا فـــي حضــرةِ أحبَّــــة مُنتَـشِـريــــن حَمَلـــوا لبنــــان فــي جيناتِـهـــم وقُـلوبِـهـــم إلـــى العالــــم، تَـعِـبــــوا وكافَـحــــوا وما نـسـيـــوا جُــذورَهُــم، لا يَسَـعُـنــــي إلاّ أنْ أُسَـجِّــــلَ مَحَبَّـتـــي واحتِــرامـــي لَـكُــــم وَلِـكُــــلِّ إنجــازاتِــكـــــم.
علــى أَمَـــلِ أَنْ يَـبـقـــى لبنـــان هُــويَّتَــنـــا الجامِعَــة وأَنْ تَـجِـــدوا فـيــه فُــرَصــاً جـديـــدةً تُـبـقــــي الجُـســـور مَوصــولـــة بينَـنــا وبينكـــم.
أهـــلاً وسهـــلاً بـكــــم، ومُـجَـــدَّداً سَـــويّــــاً إلــــــى العَـمَـــلِ.